المستخلص:
علم الدين المعرفي يمثل اتجاها تجريبيا في دراسة الدين والتي تستفيد من أساليب ونظريات العلوم المعرفية المختلفة. بهذا المعنى فهو “مقاربة علمية لدراسة الأسس الإدراكية للظواهر الدينية. فهو يهتم بدراسة وفهم طبيعة التفكير الإنساني وسماته, وفهم كيفية هذا النزوع الذي يكتنفنا في اننا نتعلق بما هو متعال وغير المحدود. يشكك موراي في قدرة هذه النماذج المعرفية المناهضة للدين على تقديم تبربر معرفي ناهض لعقلانية (المعتقدات الدينية). ويذهب موراي الى انه؛ إذا كانت هذه النماذج صحيحة، فإنها لا تظهر أكثر من شيء واحدًا وهو “أننا نمتلك أدوات عقلية محددة” تحت بعض الشروط تؤدي إلى ظهور المعتقدات في وجود الانسان والكيانات. لذا فهو لا يعتبر آليات تشكيل الايمان او (الاعتقاد) باعتبارها غير موثوقة، ولا (اجمالا) المعتقدات المشكلة بكونها غير مبررة. فهذه “المعتقدات”، لا يتم تبنيها أو تمثيلها في شكل افتراضي أو حتى بشكل خاطئ على الإطلاق. بل هي معتقدات صحيحة وواقعية. وإن الإيمان بشيء بهذا المعنى هو بمثابة اعتقاد بأن شيئًا ما هو على هذا النحو. ان الاطروحة الأساسية والمتضمنة في هذا البحث ليس اثبات وجود استعداد فطري للدين لدى البشر فقط، بل ايضا يتركز حول محاولة دحض القول بعدم عقلانية (المعتقدات الدينية). وإن الطريقة التي يتعامل بها العقل البشري مع المعلومات الدينية قد توفر نظرة ثاقبة لطبيعة الوحي، وكيف يفهم الناس النص المقدس، وكيف نفهم نوع العقل المطلوب مسبقًا بكوننا متدينين. العقلانية نتاج مجتمع من المفكرين العقلانيين الذين يكشفون مغالطات بعضهم البعض وجوهر العقلانية هو المنطق. فتفسير طبيعة الصدق استنادا الى تصورات معرفية يعرف “بالمعتقد المبرر”, وهذا يتطلب امرين (الاتساق المنطقي وان تشكل المعتقدات نسق متكامل؛ فالمنظومة المحكمة من المعتقدات لا ينبغي ان تناقض نفسها). ان اكتشاف قابليات معرفية طبيعية مسؤولة عن انتاج معتقدات دينية لا يعني انها تلغي وجود الدين, بل على العكس فقد يكون الله هو من صمم هذه القابليات المعرفية وانبتها في البنية البشرية الطبيعة وهي التي تدلنا على الله, أي بقدرة الله تم تصميم (خطة تصميم) هذه القابليات المعرفية لكي تدلنا عليه (وظيفة مناسبة) فنحصل على المعرفة به.