الدكتور سامي العريان:

الحظر الإقتصادي المفروض على إيران هو بسبب تحولها إلى قوة تقف بوجه أميركا

تاريخ النشر
مناسبات دین و سیاست در آمریکا

عقدت جامعة الأديان والمذاهب ندوة علمية تحت عنوان “علائقية الدين والسياسة في أميركا ودورها في سياسات المنطقة” بحضور المفكر الفلسطيني الأستاذ الدكتور “سامي العريان”، مدير مركز “سيغا” للدراسات الإستراتيجية والدولية الإسلامية بجامعة “زعيم الدين” التركية.

وفي مستهل الندوة، ألقى الدكتور عباس خامه يار، رئيس قسم المعاونية الثقافية والإجتماعية بجامعة الأديان والمذاهب، كلمة متقتضبة، رحب فيها بالدكتور سامي العريان، وقال مشيراً إلى موضوع الندوة: إن مشكلة الأميركيين مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي حول ثلاث مواضيع، الأول هو إعادة تفتيت الإسلام في المنطقة وفي كل العالم، حيث يهدف الأميركيون عبر ذلك للقضاء على التعاون الإسلامي وبث الإختلافات بين المسلمين وإعادة تجزئتهم. الموضوع الثاني هي القضية الفلسطينية. فالولايات المتحدة الأميركية ومن خلال زرع الصهاينة في المنطقة، تسعى للسيطرة المطلقة على منطقة الشرق الأوسط. أما الهدف الثالث للأميركيين فيتمثل في أنهم يستهدفون استقلالية سائر البلدان ليتمكنوا من السيطرة على العالم برمته.

ثم تحدث الدكتور سامي العريان للحضور، معرباً في مستهل كلامه عن شكره لجامعة الأديان والمذاهب وللدكتور الشيخ مهدي التسخيري، رئيس قسم المعاونية الدولية بجامعة الأديان والمذاهب، على حسن الضيافة. كما عبّر عن رغبته بتعزيز العلاقات الثنائية بين جامعة الأديان والمذاهب وجامعة “زعيم الدين” التركية.

وقال الدكتور سامي العريان، أن الولايات المتحدة الأميركية تأسست قبل أقل من 250 عاماً، وعلى هذا الأساس فإن حضارة هذا البلد لا تشكل نقطة واحدة في تأريخ الحضارات.

وأضاف: إن أميركا، كما هو حال سائر القوى الإمبريالية العالمية، تسعى فقط للهيمنة والسيطرة على العالم. يقول مستشار الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي ألف العديد من الكتب حول الهيمنة الأميركية، يقول في إحدى كتبه إن قوة الدول تعتمد بالأساس على القدرات التكنولوجية والعسكرية والثقافية. يجب أن يكون واضحاً للجميع أن القوة السياسية ليس بالشأن المهم للغاية.

وتابع: الأميركيون قاموا بنشر القيم العلمانية للقضاء على القيم الدينية في الحياة الإجتماعية للمسلمين، لأنهم يعتقدون أن القيم العلمانية يمكنها أن تعيق تطور المسلمين في كافة النواحي.

ولفت إلى أن الأميركيين واجهوا تحديات مهمة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ودخلوا في حروب متعددة، كالحرب في أفغانستان والحرب في العراق. وكانوا يخططون للحرب مع إيران والسودان والصومال، لكنهم لم ينجحوا في ذلك. لقد كانوا يريدون إن يعاني المسلمون في أميركا مشاكل وصعوبات، ولهذا السبب أيضاً قاموا بالتحقيق معي حول اسلوب تعاملهم مع المسلمين في أميركا.

ومضى الدكتور سامي العريان قائلاً: إن عمل دراسة حول صناعة الشبكات الإسلامية المعتدلة، كان الهدف منه في الأساس هو التحكم بالمسلمين. وكانت زوجة زلمي خليل زاد من المشاركين في هذه الدراسة. لقد حاولوا من خلال هذه الدراسة التعريف بالإسلام المعتدل لكي يتحول المسلمون شيئاً فشيئاً للعلمانية. وتشير الدراسة إلى 15 ميزة للإسلام المعتدل، لكي يتحول المسلمون للإعتدال من خلال إجراء هذه الخصائص. هذا في الوقت الذي يعتبر الإسلام من الأساس دين الإعتدال والوسطية. وحينما نطالع هذه المميزات الـ 15، نلاحظ إلى أي مدى حاولوا إيجاد تغيير في تعريف المسلمين.

وأشار الدكتور العريان إلى أن أميركا اتخذت في السابق خطوات لمواجهة الشيوعية، وعلى سبيل المثال قام الكونغرس الأميركي بنشر كتب حول الحرية الثقافية. كما اتخذ البريطانيون خطوات مماثلة، وقام أحد الكتاب البريطانيين بتأليف كتاب حول الحرية الثقافية.

وأضاف: يجب أن نعرف أن أكثر المؤسسات المدنية وحتى الفرق الرياضية موضوعة تحت الرقابة من جانب وكالة المخابرات المركزية بهدف الإشراف على سير العلمانية في البلاد. كما أن أبرز المجلات والصحف أيضاً موضوعة تحت الرقابة لكي تستطيع أميركا مواجهة الشيوعية. والآن تقوم أميركا بانتهاج نفس هذا الأسلوب بالنسبة للإسلام. لقد عملت السي آي أي لمدة 20 عاماً لكي تطيح بالشيوعية.

وأضاف: هناك مؤسسات ومراكز في الشرق والغرب تقوم بنفس هذه النشاطات بصورة سرية، وليس بالضرورة أن تكون هذه المراكز في الولايات المتحدة نفسها، بل يمكن أن تكون في أقرب نقطة إلينا في آسيا نفسها، لكننا لا نعلم عنها شيئاً لأنها تمارس نشاطاتها بسرية. وأؤكد لو لم نعرف ماذا الذي تريد أميركا تغييره، فإننا نبقى متأخرين. لقد تحولت أميركا من خلال 13 ولاية إلى أكبر قوة عالمية. هؤلاء استطاعوا الحفاظ على قدراتهم ولا زالوا يسعون لبقاء هذه الولايات الـ 13 كأكبر قوة في العالم.

وقال: بالطبع، نشهد الآن انحساراً في الهيمنة الأميركية بعد صعود روسيا والصين، ولكن يجب أن نبقى واعين دائماً، لأنهم لا يزالون يشكلون خطورة، وقد يقومون بأعمال أخرى للوصول إلى أهدافهم. وتأريخياً نشاهد أن المسلمين تراجعوا قليلاً بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية. وفي الوقت الحاضر، ومع تصاعد قدرات إيران، نشاهد نموذجاً إسلامياً حديثاً، وتنامياً ملحوظاً في الفكر الإسلامي، وتشكيل مثلث من ثلاثة أضلاع تتمثل في: الله، والعالم، والإنسان.

وتابع: في الإسلام، ينتهي كل شيء إلى الله تعالى، بينما ليس الأمر كذلك في العلمانية، بل يمثل الإنسان فيها الأساس والمركزية، لأن فكر العلمانية هو فكر مادي، وهذا يتنافى مع الإسلام، فليس للإسلام أي صراع مع الحضارات، فنحن نعترف بالمسيحية واليهودية، ولا نشكل تهديداً لأحد، بينما الأميركيون لا يعترفون بالحضارات، بل ينظرون للإسلام وللحضارات كتهديد، ولهذا السبب يخططون لضرب الإسلام، وهذا هو هدفهم الحقيقي، وهناك شواهد كثيرة على ذلك.

وحول القضية الفلسطينية وخطورة كيان الإحتلال على العالم الإسلامي، قال الدكتور سامي العريان: إن ما حصل في أفغانستان والعراق و…، يعتبر أكثر أهمية بالنسبة لما حصل لفلسطين، ولكن لماذا تحظى فلسطين بكل هذه الأهمية؟ في الحقيقة يجب أن نعلم أن كيان الإحتلال ما دام موجوداً في المنطقة، فهم يقومون بأي عمل لإيقاف حركة التطور في المنطقة، وهذا هو سبب أهمية وجود الكيان في المنطقة بالنسبة لأميركا. فالأميركيون يهدفون للتحكم بمنطقة الشرق الأوسط من خلال كيان الإحتلال. ليست لدينا صراع مع اليهود والمسيحيين، ولكن مشكلتنا مع الصهيونية. إن الصراع في فلسطين هو بهدف سيطرة الأميركيين والغربيين علينا.

وأضاف: الهدف الأول لأميركا هو تفتيت الإسلام، وهدفهم الثاني هو النفط للحفاظ على قوة الدولار وقيمته. الأميركيون يريدون التحكم بالعالم من خلال قدراتهم المالية، فقاموا بربط النفط بالدولار ليتمكنوا مع السعودية التحكم بالأسواق، ولهذا السبب يتم بيع النفط بالدولار فقط لكي يبقوا مسيطرين على النفط دائماً. أما هدفهم الثالث فهو بيع السلاح والذخائر الحربية في المنطقة. فالأميركيون لا يريدون أن تتشكل للمنطقة أية قوة وقيادة، بل يريدون أن تنشغل المنطقة بصراعاتها ومشاكلها، وهذه هي سياستهم وإستراتيجيتهم، فهم لا يسمحون بتشكيل قوة في المنطقة، ولهذا السبب يصنعون قوة أخرى يمكنهم التحكم بها، ككيان الإحتلال. إنهم لا يسمحون حتى لتركيا بالتطور، فقاموا بتسليح الأكراد لإدخالها في صراع مع الأتراك.

وأكد الدكتور سامي العريان: إن السبب الرئيس وراء الحظر الإقتصادي المفروض على إيران، هو أن إيران تشهد تطوراً في قدراتها بما يمكّنها من مواجهة أميركا. مضيفاً: إن الأميركيون يشكلون خطراً كبيراً على الإسلام والمسلمين، بل وكل العالم، لأن إستراتيجيتهم هي الوقوف بوجه أي تطور وتنمية في سائر البلدان حول العالم.

وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور سامي العريان حاصل على شهادة الدكتوراه في هندسة الحاسوب، وله أكثر من 40 كتاباً ومقالاً باللغتين العربية والإنجليزية، وأنشأ مراكز ومؤسسات مختلفة خلال العقود الأربعة الماضية، وأنجز الكثير من البحوث والدراسات في مجال الدين الإسلامي والمذاهب الإسلامية والأديان الأخرى، كما أنجز العديد من الدراسات حول حقوق الإنسان والقانون المدني، وقد اعتبرته مجلة “نيوزويك” أبرز ناشط مدني مسلم في الولايات المتحدة الأميركية.

المحتوى المشابه